أبو عيسى الترمذي ، عن مطر بن عكامش ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة أو قال : بها حاجة .
قال أبو عيسى : و في الباب عن أبي عزة ، و هذا حديث غريب ، و لا يعرف لمطر بن عكامش عن النبي غير هذا الحديث .
و عن أبي عزة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض ، جعل له إليها حاجة ، أو قال : بها حاجة قال : هذا حديث حسن صحيح ، و أبو عزة له صحبة ، و اسمه يسار بن عبيد ، و أنشدوا :
إذا ما حمام المرء كان ببلدة دعته إليها حاجة فيطير
و روى الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول ، عن أبي هريرة ، قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم : يطوف ببعض نواحي المدينة ، و إذا بقبر يحفر ، فأقبل حتى وقف عليه ، فقال : لمن هذا ؟ قيل لرجل من الحبشة ، فقال : لا إله إلا الله سيق من أرضه و سمائه حتى دفن في الأرض التي خلق منها و عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : إذا كان العبد بأرض أوثبته الحاجة إليها حتى إذابلغ أقصى أثره قبضه الله فتقول الأرض يوم القيامة : رب ، هذا ما استودعتني خرجه ابن ماجه أيضاً .
فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : فائدة هذا الباب تنبيه العبد على التيقظ للموت و الاستعداد له بحسن الطاعة و الخروج عن المظلمة ، و قضاء الدين ، و إتيان الوصية بماله أو عليه في الحضر ، فضلاً عن أوان الخروج عن و طنه إلى سفر ، فإنه لا يدري أين كتبت منيته من بقاع الأرض .
و أنشد بعضهم :
مشيناها خطى كتبت علينا و من كتبت عليه خطى مشاها و أرزاق لنا متفرقات فمن لم تأته منا أتاها
و من كتبت منيته بأرض فليس يموت في أرض سواها
و قد روي في الآثار القديمة : أن سليمان عليه السلام كان عنده رجل يقول : يا نبي الله : إن لي حاجة بأرض الهند . فأسألك أن تأمر الريح أن يحملني إليها في هذه الساعة ، فنظر سليمان إلى ملك الموت عليه السلام ، فرأه يبتسم ، فقال : مم تتبسم ؟ قال : تعجباً ـ : إني أمرت بقبض روح هذا الرجل في بقية هذه الساعة بالهند ، و أنا أراه عندك ، فروي أن الريح حملته في تلك الساعة إلى الهند ، فقبض روحه بها . و الله أعلم .