باب متى يرتفع ملك الموت عن العبد ؟ و بيان قوله تعالى : و جاءت كل نفس معها سائق و شهيد و قوله تعالى : لتركبن طبقاً عن طبق
أبو نعيم عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن ابن آدم لفي غفلة عما خلقه الله عز و جل إن الله ـ لا إله غيره إذا أراد خلقه ـ قال للملك : اكتب رزقه و أثره و أجله ، و اكتب شقياً أو سعيداً ، ثم يرتفع ذلك الملك و يبعث الله ملكاً آخر فيحفظه حتى يدرك ، ثم يبعث الله ملكين يكتبان حسناته و سيئاته ، فإذا جاءه الموت ارتفع ذلك المكان ، ثم جاءه ملك الموت عليه السلام ، فيقبض روحه ، فإذا أدخل حفرته رد الروح في جسده ، ثم جاءه ملكا القبر فامتحناه ، ثم يرتفعان ، فإذا قامت الساعة ، انحط عليه ملك الحسنات و ملك السيئات فأنشطا كتاباً معقوداً في عنقه ، ثم حضرا معه : واحد سائق و الآخر شهيد ، ثم قال الله عز و جل : لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في : لتركبن طبقاً عن طبق قال : حالاً بعد حال .
ثم قال النبي صلى الله عليه و سلم : إن قدامكم أمر عظيم . فاستعينوا بالله العظيم . قال أبو نعيم : هذا حديث غريب من حديث أبي جعفر و حديث جابر تفرد به عنه جابر ابن يزيد الجعفي و عنه المفضل .
قلت : جابر بن يزيد الجعفي متروك لا يحتج بحديثه في الأحكام . و وجد بمدينة قرطبة على قبر الوزير الكبير أبي عامر بن شهيد مكتوباً ، و هو مدفون بإزاء صاحبه الوزير أبي مروان الزجاجي ، و كأنه يخاطبه و دفنا في بستان كانا كثيراً ما يجتمعان فيه :
يا صاحبي قم فقد أطلنا أنحن طول المدى هجود ؟ فقال لي : لن تقوم منها ما دام من فوقنا الصعيد
نذكر كم ليلة نعمنا في ظلها و الزمان عيد و كم ينير همى علينا سحابة ثرة بجود
كل كأن لم يكن تقضى و شؤمه حاضر عتيد حصله كاتب حفيظ و ضمه صادق شهيد
يا حسرتا إن تنكبتنا رحمة من بطشه شديد يا رب عفواً فأنت مولى قصر في حقه العبيد