السيدة زينب رضى الله عنها
هى السيدة الطاهرة زينب بنت فاطمة البتول ، سيدة نساء العالمين ، بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحبيبة قلبه وفؤاده.
أبوها الإمام على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه.
جدتها: السيدة خديجة بنت خويلد سيدة نساء العالمين.
أخواها الشقيقان: الإمام أبو محمد الحسن ، والإمام أبو عبد الله الحسين رضى الله تعالى عنهما.
ولدت بعد مولد شقيقها سيدنا ومولانا الإمام الحسين بسنتين فى شهر شعبان من السنة الخامسة لهجرة المصطفى –صلى الله عليه وآله وسلم- ، درجت فى بيت النبوة وتنعمت فيه بعطف جدها العظيم –صلى الله عليه وآله وسلم- ورعاية أبويها الكريمين ، وسماها جدها باسم خالتها السيدة زينب الكبرى رضى الله تعالى عنها.
اشتهرت السيدة زينب بجمال الخلقة والخلق اشتهارها بالإقدام والشجاعة، وبالكرم وحسن المشورة ، والعلاقة الطيبة القوية بالله، وكثيراً ما كان يرجع إليها أبوها وإخوتها فى الرأى ويأخذون بمشورتها لبعد نظرها وقوة إدراكها.
زواجها: تزوجت من ابن عمها سيدنا عبد الله بن جعفر الطيار رضى الله تعالى عنه ، وكان يشتهر بالكرم وحب المساكين .
ولقد كانت السيدة الطاهرة قوامة صوامة قانتة لله نائبة إليه، تقضى أكثر لياليها متعبدة متهجدة تالية للقرآن الكريم ، لم تترك ذلك حتى فى أشد الليالى كرباً وهى ليالى كربلاء.
شاركت أخويها – الحسن والحسين – فى جميع ميادين الجهاد ، وأخرجت من المدينة المنورة فى عهد الدولة الأموية إلى مصر.
ولقد كانت السيدة العقيلة عاقلة لبيبة جزلة كريمة ، وكانت فى البلاغة والشجاعة شبيهة بأبيها الإمام على كرِّم الله وجهه وأمها الزهراء رضى الله تعالى عنها .
حملت تدبير أمور أهل البيت بعد استشهاد أخيها سيدنا أبى عبد الله الحسين ، فهى من أجلِّ أهل البيت حسباً وأعلاهم نسباً، وأكثرهم شرفاً وصيتاً.
اختارت السيدة زينب رضى الله تعالى عنها مصراً لتسكنها لما عرفت من حب أهلها وواليها لأهل البيت ، فدخلتها فى أوائل شعبان سنة 61 هجرية، ومعها فاطمة النبوية وسكينة وعلى أبناء شقيقها الإمام الحسين رضى الله تعالى عنهم جميعاً، واستقبلها أهل مصر فى بلبيس واحتملها والى مصر مسلمة بن مخلد الأنصارى إلى داره بالحمراء القصوى عند بساتين الزهرى ( حى السيدة الآن ).
كانت هذه المنطقة تسمى ( قنطرة السباع ) نسبة إلى القنطرة التى كانت على الخليج المصرى وقتئذٍ، فأقامت بهذه الدار أقل من عام عابدة زاهدة تفقه الناس، وتفيض عليهم من أنوار النبوة وشرائف المعرفة والبركات والإمدادات.
وكانت دارها مأوى لكل ضعيف ومحتاج فلقبت بـ ( أم العواجز ) ولما جاءت إلى مصر بعد محنة كربلاء القاسية كان الوالى ورجاله يعقدون جلساتهم بدارها وتحت رئاستها فسميت بـ ( رئيسة الديوان) وتنادى بـ ( عقيلة بنى هاشم ) ومعنى عقيلة : هى السيدة الكريمة العزيزة فى بيتها والكريمة فى قومها.
قال شيخنا الإمام الجعفرى رضى الله عنه:
أزينب أنت فى الدنيا كشمس
ومن جاء المقام إليك يشفى
فمن بركات جدك كنت ذخراً
ومن وصل المقام رآك أهلاً
بجاه المصطفى خير البرايا
سألت الله يمنحنى بعفــوٍ
لها نور يضئ ولا يغيب
بإذن الله أنت له الطبيب
وقلب الزائرين هنا يطيب
أباً أماً وعطفك ذا عجيب
يجئ الخير والفتح القريب
فيا نعم الإله هو المجيب
ويقول رضى الله عنه فى قصيدة أخرى بديوانه العامر:
بزينب قد رضيت وجئت أسعى
لها شرف ونور لا يضاهــى
إذا ما الفخر بالآباء قالــوا
وأحييتم ظلام الليل شكــرا
أزور مقامها والله يشهد
وإيمان وتوحيد وسؤدد
فجدك بهجة الدنيا محمد
ومنكم قائم وبه تهجـد
وكان انتقالها إلى الرفيق الأعلى مساء الأحد الخامس عشر من رجب سنة اثنتين وستين للهجرة المباركة ، حيث دفنت بمخدعها وحجرتها من دار مسلمة التى أهداها إليها ، وتلك الدار أصبح بها قبتها بمسجدها المعروف بحى السيدة زينب بالقاهرة.
شرف الجوار
ثم كان بجوارها فى هذا المقام العامر بعد ذلك مقامان لاثنين من العارفين:
الأول : هو الشيخ عتريس المدفون بجوار المسجد الزينبى فى الطرف الشمالى الغربى ، ونسبه : محمد بن أبى المجد عبد العزيز بن قريش ، شقيق سيدى إبراهيم الدسوقى المتوفى فى النصف الثانى من القرن السابع ، وقد أوصى بأن يدفن فى هذا المكان حيث كان يقيم مجالس العبادة والدعوة فى كنف الحرم الزينبى أكثر حياته، ( والعتريس هو القوى الشديد ).
الثانى : الشيخ العيدروس المدفون بجوار العتريس ونسبه : الشيخ وجيه الدين المكنى بأبى المراحم عبد الرحمن الحسينى من حضرموت، وقد استقر بمصر بعد حياة طويلة مشحونة بالكفاح والدعوة والسياحة، وجعل مجلس عبادته وإرشاداته فى جوار ضريح الشيخ عتريس ، وعندما حضرته الوفاة سنة 1192 أوصى بأن يدفن حيث هو الآن بجوار العتريس وفى رحاب السيدة الطاهرة رضى الله تعالى عنها.