خوف السابقة وحذر الخاتمة قلقل قلوب العارفين وزادهم إزعاجا (يَحولُ بَينَ المَرءِ وَقَلبِهِ) ليس لهم في الدنيا راحة كلما دخلوا سكة من سك السكون أخرجهم الجزع إلى شارع من شوارع الخوف.
أَروحُ بِشجوٍ ثُمّ أَغدو بِمِثلِهِ وَتحسَبُ أَني في الثيابِ صَحيحُ أعمار الأغمار وانتبهوا فانتبهبوا الليل والنهار وأخرجوا أقوى العزائم إلى الأفعال فلما قضوا ديون الجد قضت علومهم بالحذر من الرد حنوا فأنوا وانزعجوا فما اطمأنوا أنفاسهم لا تخفى نفوسهم تكاد تطفأ لون المحب غمار دمع الشمون نمّام من ضرورة دوران الدولاب أنينه.
أُخفي كَمَدَ الهَوى وَدَمعي في الخَدِ عَلى هواكَ شاهِدُ تصادما في قلب العارف جبل الرجاء وجبل الخوف فلما وصل " اسكندر " الفكر ألقى زبر الهموم حتى (ساوى بَينَ الصَدَفين) ثم صاح بجند الفهوم: (اِنفُخوا) فاستغاث الواجد لتراكم الكرب.
أَيا جَبَلَي نُعمانَ بِالله خَلِيا نَسيمَ الصِبا يُخلِص إِلى " نَسيمُها " لا راحة للمحب في الدنيا إن أحس بالحجاب بكى على البعد وإن فتح له باب الوصل خاف الطر.
فَيَبكي إِن نَأَوا شَوقاً إِليهِمُ وَيَبكي إِن دَنَوا خَوفَ الفِراقِ من لم يذق لم يعرف: مَن لَم يَبُت وَالحُبُّ حَشوُ فُؤَادِهِ لِم يَدرِ كَيفَ تَفَتُّتُ الأَكبادِ الفراق أظلم من الليل الوجد احر من الجمر.
فَفي فُؤادِ المُحِبِ نارُ جَوىً أَحرُّ نارِ الجَحيمِ أَبرَدُها فقد اشتد قلق الخوف " بابراهيم بن أدهم " فصاح: إلهي إن كنت أعطيت أحدا من المحبين ما يسكن به قلبه قبل لقائك فأعطني فقد أضر بي القلق.
لَو شِئتَ داويتَ قَلباً أَنتَ مُسقِمُهُ وَفي يَديكِ مِنَ البَلوى سَلامَتُهُ فرأى الحق جل جلاله في منامه وهو يقول: يا إبراهيم: ما استحييت مني تسألني أن أعطيك ما يسكن به قلبك وهل يسكن قلب المشوق إلى غير حبيبه.
يا سائِقَ العَيسِ قَد بَراها حَملُ هُمُومٍ بِها عِظامُ أشواقُها خَلفَها وَشَوقي خِلافَ أَشواقِها أَمامي