دائماً يكرر الوهابي أن عليكم باتباع السلف الصالح والتابعون، ويريدون بذلك تثبيط الهمم عن الذكر بدعوى البدعة وبفهمهم السقيم لها حتى أصبحوا لا يذكرون على ألسنتهم إلا هذه بدعة وهذه ضلالة، ويا ليتهم قالوها على منكرات، بل قالوها على من يذكر لا إله إلا الله ألف مرة أو أكثر، ويصلي على النبي 5000 مرة أو أكثر ، أو يختم القرآن في ليلة، أو يصلي قيام الليل أكثر من عشرين ركعة، ونحن الآن في هذا البحث أن نستعرض بعضاً من سيرة السلف والتابعين في اجتهادهم في الذكر والعبادة.
وللأسف فإنهم يعتقدون أنهم متبعون لهم حقاً!!! لكن يا خيبة أملهم، ونقول لهم سنتبع هؤلاء الذين كانوا شديدوا العبادة لربهم حتى كان أحدهم يختم القرآن الكريم كل يوم مرة "مع أن رسول الله لم يأمره بذلك" وكانوا يذكرون الله بأعداد هائلة كما يفعل السادة الصوفية، وكان أحدهم يصلي لله كل يوم أكثر من عشرين ركعه ولم نرَ رسول الله عليه الصلاة والسلام ينهاهم بل شجعهم، فضلاً عن التابعين الذين لم نرَ أي واحد منهم ينكر على الآخر أنه صلى أكثر من عشرين ركعة، وناهيك عن صلاة التراويح وعن أعدادها التي لم تكن على عهد الرسول لكن لم ينههم أحد، بل قال لهم سيدنا عمر مشجعاً: ""نعمت البدعة"" ولم يقل بئست البدعة.
فلم ينكر عليه احد من الصحابة رضي الله عنهم ولم يثبت ذلك عنهم أبدا لأنهم علموا أنه ليس في فعله مخالفة للسنة .
فعن يزيد بن رومان قال: " كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعة". قال الشوكاني: قال ابن إسحاق وهذا أثبت ما سمعت في ذلك" أخرجه مالك في الموطأ ص "106".
وعن سيدنا السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: " كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة وكانوا يقومون بالمئتين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان من شدة القيام""أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "2/496" وممن صححه العيني والقسطلاني في شرحيهما لصحيح البخاري والسبكي في شرح المنهاج والكمال بن الهمام في شرح الهداية والعراقي في شرح التقريب والإمام النووي في المجموع".
وأخرج المروزي عن زيد بن وهب أنه قال: " كان عبدالله بن مسعود يصلي لنا في شهر رمضان فينصرف وعليه ليل" قال الأعمش : " كان يصلي عشرين ركعة يوتر بثلاث".
وكذلك عن داود بن قيس أنه قال: " أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبدالعزيز يعني بالمدينة يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث".
وعن نافع قال: " لم أدرك الناس إلا وهم يصلون تسعا وثلاثين ويوترون منها بثلاث".
ونقل الحافظ ابن حجر أن مالكا قال: " الأمر عندنا بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين وليس في شيء من ذلك ضيق".
ونقل عنه أيضا قوله: " أنها بست وأربعين وثلاث وتر".
وعن زرارة بن أوفى أنه كان يصلي بهم في البصرة أربعا وثلاثين ويوتر بثلاث وعن سيدنا سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه أربعا وعشرين.
وعن إسحاق بن منصور قال: قلت لأحمد بن حنبل: كم ركعة يصلى في قيام شهر رمضان؟ فقال: " قد قيل ألوان نحو أربعين وإنما هو تطوع".
وقال الترمذي: أكثر ما قيل أنه يصلي إحدى وأربعين مع الوتر.
ومن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم: عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون .
وكان الإمام الشافعي رحمه الله يختم القرآن في شهر رمضان ستين مرة
وروى أبو داود بإسناده الصحيح أن مجاهدا كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء .
وعن منصور قال :كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضان .
وعن إبراهيم بن سعد قال :كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يختم القرآن .
وأما الذي يختم في ركعة فلا يحصون لكثرتهم ،فمن المتقدمين عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم ختمة في كل ركعة في الكعبة.