"أي سادة " -: نزهوا الله عن سمات المحدثين , وصفات المخلوقين وطهروا عقائدكم من تفسير معني الاستواء في حقه تعالي بالاستقرار , كاستواء الأجسام علي الأجسام المستلزم للحلول , تعالي الله عن ذلك واياكم والقول بالفوقية والسفلية , والمكان واليد والعين بالجارحة , والنزول بالاتيان والانتقال فإن كل ما جاء في الكتاب والسنة مما يدل ظاهره علي ما ذكر , فقد جاء في الكتاب والسنة مثله مما يؤيد المقصود فما بقي إلا ما قاله صلحاء السلف : وهو الإيمان بظاهر كل ذلك ورد علم المراد إلي الله ورسوله ,مع تنزيه الباري تعالي عن الكيف وسمات الحدوث وعلي ذلك درج الأئمة وكل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره قراءته والسكوت عنه ليس لأحد أن يفسره إلا الله تعالي ورسوله ولكم حمل المتشابه علي ما يوافق أصل المحكم لأنه اصل الكتاب والمتشابه لا يعارض المحكم سأل رجل الإمام مالكا بن أنس رضي الله عنه عن قوله تعالي (الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ( طه 5 ) ) فقال : الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدعا وأمر به أن يخرج وقال إمامنا الشافعي رضي الله عنه لما سئل عن ذلك آمنت بلا تشبيه , وصدقت بلا تمثيل , واتهمت نفسي في الإدراك , وأمسكت عن الخوض فيه كل الإمساك وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه : من قال لا أعرف الله أ في السماء هو أم في الأرض ؟ فقد كفر لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا , ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه وسئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن الاستواء فقال : استوي كما أخبر , لا كما يخطر للبشر وقال الإمام ابن الإمام جعفر الصادق عليه السلام : من زعم أن الله في شيء , أو من شيء , فقد أشرك إذ لو كان علي شيء لكان محمولا ولو كان في شيء لكان محصورا ولو كان من شيء لكان محدثا