وهي كما قال السيد العارف المكين . مولا السيد حسين برهان الدين الرفاعي قدس سره . حين سئل عن سر البيعة .فقال حد من حدود الحق يقف عنده أهل الصدق الذين صدقوا ما بايعوا الله عليه وما عاهدوا الله عليه فخافوا سؤله وعظموا جلاله . فتغلب على قلوبهم سلطان الهيبة وأخذهم من علة نفوسهم إلى حضرته العليه . فانطمست قوابس اوهامهم باشعة انوار عظمته . فاذا سول لهم الشيطان خروجا أو دخولاً وقفوا على قدم الاستقامة . ذاكرين الله قائلين ان العهد كان مسؤلا. أولئك الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا وإنحجبت بصائرهم عن غيره فابصروه بها وعن الأغيار تعاموا . على طريق رضاه قعدوا والى داعيه قاموا . وما البيعة ألا بيع النفس وقطع علائقها والأعنة. ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة فان انطبع المبايع على الصدق ودخل حضرة قوم تجردوا من علائق رطبهم ويابسهم فقد لوحظ من النبي صلى الله عليه وسلم بمعونة النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وعلى هذا يقوم منار الأمر ويتم نظام الخير وتصح الوصلة إلى الله ويأخذ القلب عن الله ويصير العبد صفة من صفات الله يصل بالله ويقطع بالله ويتكلم عن الله ويستهدي بالله ويسير إلى الله ويعان من الله عز وجل . قال الله لحبيب الله أن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله وان بيعة الإمام المبين والصادق الأمين . عليه الصلاة والسلام نافذة سارية باقية هي هي تتلقاها الأنفس السليمة وتعتقد عليها الاكف الكريمة لاتبديل لكلمات الله وأهل الله نواب رسول الله وبهذه سبقت إرادة الله انتهى
وأما كيفية المبايعة وأخذ العهد على ما هي عليه أهل هذه الطريقة العليه قدست أسرارهم الزكية فهي أن يأمر المرشد المريد بالوضوء الجديد وبصلاة ركعتين بنية التوبة ثم يجلس المرشد على السجادة . ويجلس المريد أمامه بالأدب والخضوع لاصقا ركبتيه بركبتي الشيخ . مطرقا خاضعاً لله تعالى متجردا من وساوس النفس الخبيثة . ومن الدسائس الشيطانية فحينئذٍ يقرأ الشيخ ثلاث فواتح سراً . ثم يقرأ آيه المبايعة وهي أن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما . ثم رضي عنه الباري عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله عصابة من أصحابه بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفي منكم فأجره على الله إن شاء عفى عنه وان شاء عاقبه فبايعناه على ذلك وفي حديث آخر عن عبادة أيضا انه قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره . ونقول الحق حيث كنا ولا نخاف في الله لومه لائم ويبايع المريد على مآل هذين الحديثين . ثم يقرأ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا . إن الله يعلم ما تفعلون . ثم يقول الشيخ والمريد معه استغفر الله العظيم الذي لا اله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ونسأله التوبة والمغفرة والهداية لنا انه هو التواب الرحيم ( ثلاث مرات ) ثم يمسك بيده اليمنى في يد المريد ويلقنه العهد . وكيفيته أن يقول الشيخ للمريد قل أشهد الله . وملائكته ورسله وأنبيائه والحاضرين من خلقه . أنني تائب إلى الله ورسوله مجتنبا لمحارمه مجتهدا على طاعته . منيبا إليه . مواظبا على خدمة الفقراء والمساكين على حسب الطاقة . وان سيدنا وقدوتنا إلى الله تعالى القطب الغوث الداعي السيد احمد الرفاعي شيخنا في الدنيا والآخرة . الطاعة تجمعنا والمعصية تفرقنا والله على ما نقول وكيل . ثم يقول الشيخ العهد عهد الله واليد يد الله ورسوله ويد شيخنا وقدوتنا إلى الله شيخ المشايخ السيد احمد الرفاعي وهمته ثم يقول يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة . ثم يجلس على ركبتيه ويلقنه قول لا إله إلا الله ثلاث مرات كما مر وفي الرابعة محمد رسول الله ويقول المريد كذلك ويقرآن والحاضرون الفاتحة ويهدونها إلى أهل العهد كما في غير هذه الصيغة والى أهل القبور والى جميع المؤمنين . وهذه كيفية المبايعة واخذ العهد مع التلقين وقد ذكرها مع صور أخر مولانا وقدوتنا ومرشدنا السيد محمد أبو الهدى حفظه مولاه وبه هدى في كتابه قلادة الجواهر أخذا من كلامهم نفعنا الله به وبهم ويؤخذ أيضا من كلامهم ومعاملتهم الشريفة أن هذه المبايعة والعهد والتلقين يجري على كل من السالكين اعني أهل المراتب الأربعة في باب التربية . المريد والشاوش والنقيب والخليفة ويقول الشيخ لكل واحد منهم عند ختام صيغة المبايعة قم مريدا واقعد مريدا فيقيمه ويقعده مسميا المرتبة التي صدرت المبايعة لأجلها وما الحكمة في تكرير صيغة المبايعة لمن ذكر إلا إيقاظهم وتنبيههم وتذكيرهم بالعهد الأول مع ما هناك من الأسرار المحمدية . المفاضة من جانبه الكريم عليه الصلاة والتسليم حالة المبايعة بحسب التدلي والنيابة المعنوية . ولا يخفي أن تلقي أهل كل منقبة وترقي أهل كل مرتبة أعلا واكمل من الذي قبله كالفرق بين حالة الذكر قبل التلقين وحالته وحلاوته بعده وهذا شئ معلوم مشاهد لا ينكره أهله.