نسبه رضي الله عنه:
هو: السيد أحمد بن السيد محمد بن السيد أحمد بن السيد محمد بن السيد رضوان بن السيد يونس بن السيد محمد بن السيد عبد الله بن السيد سليمان بن السيد عامر الصغير بن السيد سليمان بن السيد الحسن بن السيد محمد بن السيد عامر الكبير بن السيد يس بن السيد رضوان بن السيد محمد بن السيد نافع بن السيد سرور بن السيد ملاك بن السيد محمد بن السيد عبد الرازق بن السيد شرف الدين بن السيد أحمد بن السيد علي الهاشمي بن السيد شهاب الدين بن السيد أحمد بن السيد شرف الدين بن السيد عبد الرازق بن السيد قطب الوجود سيدي عبد القادر الجيلاني أبي صالح بن السيد موسى بن السيد عبد الله الجيلي بن السيد يحيى الزاهد بن السيد داوود بن السيد عبد الله المحض بن السيد الحسن المثنى بن السيد الحسن بن سيدنا الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه .
مولده رضي الله عنه:
ولد رضي الله عنه بقرية البغدادي (مركز الأقصر - محافظة قنا - جمهورية مصر العربية) في الثامن والعشرين من ربيع الأول عام (1313هـ) الموافق السابع عشر من شهر سبتمبر (1895م).
والده رضي الله عنه:
نشأ رضي الله عنه في رحاب أسرة شريفة كريمة صالحة، وفى أحضان والد عالم عارف تقي نقي ورع .
وكان والده رضي الله عنه زاهداً في دنياه، منشغلاً بربه منقطعاً إليه، يعبد الله ويحب رسوله ويكرم أهل العلم والدين، هو مولانا العارف بالله الشيخ محمد رضوان رضي الله عنه.
- يقول مولانا العارف بالله الشيخ أحمد رضوان رضي الله عنه واصفاً والده :
كان والدي لا يُبقي لنا شيئاً للباكر، وذلك عملاً بالسُنة النبوية، وما أدركت حاله ولا مثله، لأنه كان يحب الفقراء، وكان يفرح عندما يبيت وليس عنده شيء ويقول: الآن نحن في عداد الصالحين.
كان له قبر في البيت يبيت فيه إلى الفجر، وكان يقول لنفسه: ( إذا أرجعتكِ للدنيا فاتق الله ).
وقد أدركت أقواماً قدموا إلى بيتنا كانوا على حالة مع الله، وما سمعت والدي يذكر الدنيا قط ولا يلفظ باسمها في مجلس له، وكان يقول : (إن ذكر الدنيا على ألسنة الصالحين في المجلس فيه تشكيك لبعض الحاضرين في المجلس، فإن من كانت دنياه في قلبه حُجبت يديه عن الخير، واستثقل من عنده، فمقته الله).
وكان إذا جاءته هدية ، يقسمها على أصحابه ولا يزيد لنفسه شيئاً منها على أحدهم
فيقولون له: لا فضل لك لأنك تقسم ما يرزقك به الله. فيقول : والله ما لي من فضل في ذلك والفضل كله لله .
كان والدي رضي الله عنه إذا دُعي لطعام أخذ معه الخبز ويقول: إن معظم طعام أهل هذا الزمن فيه شبهة.
وكان رضي الله إذا جاءت الدنيا قال هكذا وهكذا ... فيصرفها في يومها.
وكان لا ينام الليل ، وكان يصلي في قبره فإذا جاء الفجر خرج منه وأذن للصلاة وصلى، وكان يسجد في السَحر ويقول في سجوده : ( يا رب هل أنا مثل ما يظن بي الناس)؟
وكانت أمي تبكي لبكائه، وكان يقول ذلك كل سَحر ونبكي جميعاً.
وما رأيت والدي رضي الله عنه اغتاب أحداً، ولا سمعته يضحك، وكان مجلسه مجلس حُزن، ورأيته يبتسم عند خروج روحه فقط !! .
وكان أقاربه يقولون له: لا شغل لك طوال الليل والنهار غير البكاء ؟! فصبر على ما بدا منهم حتى ألان الله قلوبهم.
وكان يقول لي: (يا أحمد، لا تكن لك شهية في العلم، فإنه وسيلة إليه، فإذا وصلت فاترك العلم).
وكان يقول دائماًً: (اللهم لا تجعل رزقنا على هذه البلاد التي نحن فيها فنجوع، واجعل رزقنا عليك أنت يا نعم المولى ويا نعم النصير) ا.هـ
ويقول مولانا الشيخ أحمد رضوان رضي الله عنه : (لقد نشأت لا أعرف إلا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أستطيع أن أجامل أحداً) ا.هـ
فلقد نشأ مولانا الشيخ أحمد رضوان رضي الله عنه، وقد عهد به والده إلى كتاب القرية، فحفظ كتاب الله في صغره ، وقرأ في صغره كتب الفقه والتوحيد على يد الشيخ حامد أحمد جبال، الذي كان مالكي المذهب.
ولم يقف عند قراءته لكتب مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، بل قرأ كثيراً وبحث كثيراً في كُتب الأئمة الأربعة حتى صار عالماً نحريراً في هذه المذاهب كلها, وقد شهد له الجميع في صغره بذكاء واضح وبتعلق بجده رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكان منذ صغره يتخذه قدوة وأسوة حتى شب على ذلك وترعرع، فلقد بدأ حياته رضي الله عنه بالطاعة لله ولرسوله واتباع النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله وحاله.
كان والده يوقظه قبل الفجر بساعة في السَحر، وهو أبرك الأوقات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (سُئل عن أي الأوقات أفضل في إجابة الدعاء ؟ فقال: كل الأوقات إلا أني رأيت عرش الرحمن يهتز في السَحر).
فيقول مولانا: كنت أصلي عشر ركعات، ثم أقرأ ورد السَحر لسيدي البكري، ثم أصلي الصبح، ثم أقرأ الحزب، ثم ورد الستار لسيدي يحيي الباكوني .. ثم بعض الأوراد إلى أن تحل النافلة، فأصلي الضُحى، ثم أقضي بعض الشئون ... ثم أقرأ العلم وأصلي الخمس في جماعة بالمسجد بالبغدادي .
وكان وردي في صغري سبعة آلاف مرة أصليها على النبي صلى الله عليه وسلم .
ولقد رأيته صلى الله عليه وسلم وكان سني إحدى عشر سنة جالساً على كرسي بين السماء والأرض وأعطاني زجاجة بها لبن، وقال لي: اشرب !! فشربت منها جزءً واستيقظت فإذا بالزجاجة بيدي !! ا.هـ
هذا ، إلى جانب عمله بالزراعة طلباً للرزق حتى لا يكون عالة على أحد، فكان رضي الله عنه يعمل بالشادوف في أيام شدة الحرارة وهو صائم ذاكراً ومصلياً على النبي صلى الله عليه وسلم، وفتح الله عليه بالعلم الرباني بفضله وكرمه وجوده، فكانت خلوته تسبيحاً وذكراً، وعمله عِبرة وعظةً، زاهداً في دنياه، وكان لا يتعجل الرزق، ولا يأبه بكثرته، فالكل عنده سواء، ويكون رضي الله عنه أكثر فرحاً عندما لا يجد شيئاً في بيته ، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحتى يكون مشاركاً للفقراء والمساكين الذين لا يجدون شيئاً، وكان رضي الله عنه يبيت الليلة والليلتين بالجوع ولا يسأل أحداً.
الشيخ وأهل بيته:
وكان يقول رضي الله عنه: ووالله إنني أرفق غاية الرفق بأهل بيتي وأجبر بخاطرهم دائماً، حتى لا أُسأل عنهم يوم القيامة، فقد ورد ان العبد يُسأل عن الكلمة الواحدة ثلاث مرات وهو يجتاز الصراط، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
وأعطي النقود لأهل بيتي، وأقول: هذا من عطاء الله ولكنه أجراه على يدي. وما رأيت أولادي يعصون الله أبداً، وأنا وهم لا نعرف النوم بالليل قط، فهم يقومون لذكر الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والصالحون غرباء في بيوتهم، هذا وقد أرسلت ابني زين العابدين ذات مرة لوالدته وقلت له: قل لها تسامحني لأن القدر حبسني عن البيت. فقد ألهمني الله هذه الأيام، أن قلبي لا يصلحه إلا الجلوس في الساحة مع الناس، وما رأيت بلداً يصلح حال قلبي فيها إذا سافرت إليها إلا المدينة المنورة أو مكة المكرمة.
والصالحون في كل عصر يتحملون الناس ولا يتأثرون، لرفقهم بهم، وإني أتحمل من يعتدي بالقول علي أو على أولادي، وأرد عليه باللين والحلم خوفاً من غضب الله عليه.
قال الله تعالى يمدح عباده الصادقين
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) سورة الفرقان 63.