باب في رحمة الله بعبده إذا أدخل في قبره
قال عطاء الخراساني : أرحم ما يكون الرب بعبده . إذا دخل في قبره و تفرق الناس عنه و أهله . و روي عن ابن عباس مرفوعاً . و قال أبو غالب : كنت أختلف إلى أبي أمامة الباهلي بالشام ، فدخلت يوماً على فتى مريض من جيران أبي أمامة و عنده عم له و هو يقول : يا عدو الله ، ألم آمرك ؟ ألم أنهك ؟ فقال الفتى : يا عماه لو أن الله دفعني إلى والدتي : كيف كنت صانعة بي ؟ قال : تدخلك الجنة . قال : الله أرحم بي من والدتي ، و قبض الفتى ، فدخلت القبر مع عمه ، فلما أن سواه صاح و فزع . قلت له مالك ؟ قال : فسح له في قبره ، و ملئ نوراً .
و كان أبو سليمان الداراني يقول في دعائه : يا من لا يأنس بشيء أبقاه ، و لا يستوحش من شيء أفناه ، و يا أنيس كل غريب ، ارحم في القبر غربتي ، و يا ثاني كل وحيد ، آنس في القبر وحدتي . و لقد أحسن أبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن مفاوز السلمي الكاتب أحد البلغاء بشرق الأندلس حيث يقول :
أيها الواقف اعتباراً بقبري استمع فيه قول عظمي الرميم أودعوني بطن الصريح و خافوا من ذنوبي و آيسوا من نعيم
قلت : لا تجزعوا علي فإني حسن الظن بالرؤوف الرحيم و دعوني بما اكتسبت رهيناً غلق الرهن عند مولى كريم