حول التمايل والوجد في حلقات الذكر عند الصوفية
ينكر كثيرون على الصوفية التمايل مع الذكر الى الاسانيد واراء المشايخ
على حلقات باذن الله .
الإمام السيد الكبير أحمد الرفاعي .
قال : القوم سمعوا وطابوا ولكنهم سمعوا أحسن القول فاتبعوه، وسمعوا غير الحسن فاجتنبوه، تحلقوا وفتحوا مجالس الذكر وتواجدوا وطابت نفوسهم وصعدت أرواحهم، لاحت عليهم بوارق الإخلاص حالة ذكرهم وسماعهم، وترى أن أحدهم كالغائب على حال الحاضر، وكالحاضر على حال الغائب، يهتزون و لاتنشغل قلوبهم بسواه يقولون:الله، ولا يعبدون إلا إياه. يقولون: هو، وبه لا بغيره يتباهون، إذا غنّاهم الحادي يسمعون منه التذكار، فتعلوا همتهم في الأذكار.
ولك أن تقول يا أخي: الذكر عبادة، فما الذي أوجب أن يذكر في حلقته كلام العاشقين وأسماء الصالحين؟ ولكن يقال لك: الصلاة أجلُّ العبادات، يتلى فيها كلام الله ، وفيه الوعد والوعيد ويقال في تحية الصلاة: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ما أشرك المصلي ولا خرج عن بساط عبادته، ولا عن حد عبوديته، وكذلك الذاكر سمع الحادي يذكر اللقاء، فطاب بطلب لقاء ربه : (من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه) أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي. سمع الحادي يذكر الفِراق، فتأهب للموت، وتفرَّغ من حـب الدنيا؛ (حب الدنيا رأس كل خطيئة) أخرجه البيهقي في الحادي والسبعين من الشعب، بإسناد حسن إلى الحسن البصري .
سمع الحادي يذكر الصالحين، فتقرب بحب أحباب الله إلى الله ، هذه من الطرق إلى الله التي هي بعدد أنفاس الخلائق:
غنى بهم حادي الأحبة في الدجى***فأطار منهم أنفساً وقلوبــاً
فأراد مقطوع الجنــاح بثينـة***وهمو أرادوا الواحد المطلوبا
سمّى القوم الهزَّ بالذكر رقصاً !! إذا كان وارد الهزة من الروح، فنسبة الرقص للروح لا للجسم، وإلا فأين الراقصون؟ وأين الذاكرون؟ طلب هؤلاء حق، وطلب هؤلاء ضلال!سارت مشرقة وسرت مغربا.
الراقصون كذّابون، والذاكرون مذكورون، وبين الملعون والمحبوب بوْن عظيم، إذا دخلتم مجالس الذكر فراقبوا المذكور واسمعوا بأذن واعية.
إذا ذكر الحادي أسماء الصالحين، فألزموا أنفسكم اتباعهم، لتكونوا معهم - (المرء مع من أحبّ) رواه البخاري، ورواه مسلم - أوجبوا عليكم التخلق بأخلاقهم، خذوا عنهم الحال، والوجد الحق الوجد الحق: وُجدان الحق. فها هو سيد الطائفة (الإمام السيد الكبير أحمد الرفاعي ) قد بين لنا صدق قصد الذاكرين حينما يهتزون في الذكر، بذلك من كل ما ينسب إليه وإلى أتباعه من الظنون الكاذبة والدعاوي الباطلة.
ناصل باذن الله اراء العلماء الكرام حول التمايل والوجد فى حلقات الذكر:
الإمام بن حجرالعسقلاني رحمه الله تعالى :
سُئل الحافظ بن حجر المحدث الكبير عن رقص الصوفية وهل له أصل وهل رقص أحد بحضرة الرسول صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه؟
قال: نعم، إن جعفر بن أبي طالب رقص بين يدي رسول الله لما قال له: أشبهت خلقي وخلقي وذلك من لذة الخطاب ولم ينكر عليه رسول الله فهو في مصطلح الحديث إقرار، والنبي لا يسكت عن حرام أو مكروه.
وأفتى بجواز الرقص عند سؤال أحد الحاضرين في مجلسه فقال: يجوز الرقص بدليل فعل الحبشة في المسجد بين يدي رسول الله ، وكان رقصهم بالوثبات والوجد وإنشاد الشعر جائز بين يدي النبي ، وأصل هذه الطرائق من الكتاب والسنة الحاثين على كثرة ذكر الله والاجتماع على محبة الله ، أما سب المشايخ وتكفيرهم فكفر شرعاً بلا خلاف (السيف القاطع للسيوطي والإلهامات الإلهية للشيخ محمود أبي الشامات).
الإمام خير الدين الرملي رحمه الله تعالى :
سُئـل العلامة خير الدين الرملي عما اعتـاده الصوفية من حلق الذكر والجهر في المساجد ونشر القصائد وغير ذلك من عوائدهم. فأجاب: إن الأمور بمقاصدها والأعمال بالنيات (حقيقة الصوفية):
الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى :
جاء في الحاوي للفتاوي ما يلي: مسألة: في جماعة صوفية اجتمعوا في مجلس ذكر، ثم إن شخصاً من الجماعة قام في المجلس ذاكرا واستمر على ذلك الوارد الذي حصل له. فهل له ذلك سواء باختيار أم لا؟ وهل لأحد منعه وزجره من ذلك؟.
الجواب: لا إنكار عليه في ذلك، وقد سُئل عن هذا السؤال بعينه شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، فأجاب بأنه لا إنكار عليه في ذلك، وليس لمانع التعدي يمنعه ويلزم المتعدي بذلك التعزير، وسُئل عنه العلامة برهان الدين الأنباسي فأجاب بمثل ذلك وزاد أن صاحب الحال مغلوب، والمنكر محروم، ما ذاق لذة التواجد ولا صفا له المشروب.
إلى أن قال في آخر جوابه: وبالجملة فالسلامة في تسليم حال القوم، وأجاب أيضا بمثل ذلك بعض أئمة الحنفية والمـالكية، كلهم كتبوا على هذا السـؤال بالموافـقة من غير مخالفة: أقول: وكيف ينكر الذكر قائما والقيام ذاكراً وقد قال الله : الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم (آل عمران الآية191)وقالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي يذكر الله على كل أحيانه) وإن انضم إلى هذا القيام رقص أو نحوه فلا إنكار عليهم، فذلـــك من لذات الشهود أو المواجيد، وقد ورد في الحديث رقص جعفر بن أبي طالب بين يدي النبي لما قال له: أشبهت خلقي وخلقي وذلك من لذة الخطاب، ولم ينكر عليه النبي ، فكان ذلك أصلاً في رقص الصوفية لما يدركونه من لذات المواجيد.
وقد صح القيام والرقص في مجالس الذكر والسماع عن جماعة من كبار الأئمة منهم شيخ الإسلام العز بن عبد السلام(الحاوي للفتاوي).