[center]
عـلـــي بن أبي طـالــب كرم الله وجهه و رضي عـنـههو علي بن أبي طالب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي القرشي الهاشمي , أبن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم و اسم أبيه أبي طالب عبد مناف و أمه فاطمة بنت أســـد و كنيته أبو الحسن أخو رســول الله (ص) و صهره على أبنته فاطمة سيدة نساء العالمين و أبو الســبطين و هو أول هاشمي ولد بين هاشميين و أول خليفة من بني هاشــم و علي أصـغر من أخوته جعفر و عقيل و طالب و هو أول الناس اسلاماً و هاجر إلى المدينة و شــــهد بدر و أحد و الخندق و بيعة الرضــوان و جمـــيع المشاهد إلا تبوك فان رسول الله صلى الله عليه و ســلم خلفه على أهله و كان حاملاً لواء المســـلمين في بدر و أحد و خيبر ,قال له النبي (ص) أنت أخي في الدنيا و الآخرة .
إســـلامه
هو أول من أسلم من الصبيان , أسلم بعد خديجة بيوم وجد النبي صلى الله عليه و سلم و خديجة يصليان ( كانت الصلاة في بداية الدعوة ركعتان في الصباح و ركعتان في المساء , ثم أصبحت خمس أوقات في الإسراء و المعراج ) فقال علي : ما هذا يا محمد فقال له النبي : دين الله الذي أصطفى لنفسه و بعث به رسله فأدعوك إلى الله و إلى عبادته و إلى كفر باللات و العزى . فقال علي : هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم فلست بقاض أمراً حتى أحدث به أبا طالب . فكره النبي (ص) أن يفشــي عليه سره قبل أن يستعلن أمره فقال له يا علي : إن لم تسلم فأكتم , فمكث علي تلك الليلة ثم أن الله أوقع في قلب علي الإسلام فأصبح غادياً إلى رسول الله (ص) حتى أعلن إسلامه و مكث يأتي النبي سراً خوفاً من أبي طالب و كتم إسلامه و كان من نعم الله عز و جل أن تربى علي في حجر النبي (ص) قبل الإسلام .
قال يونس عن أ بن إسحاق أسلم علي رضي الله عنه و هو أبن عشر سنين . وعن أنس بن مالك قال : بعث النبي (ص) يوم الاثنين و أسلم علي يوم الثلاثاء .
و روي عن علي كرم الله وجهه قال : لم أعلم أحداً من هذه الأمة عبد الله قبلي لقد عبدته قبل أن يعبده أحد منهم خمس سنين أو سبع سنين .
وعن أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) لقد صلت علي و على علي الملائكة سبع سنين و ذاك انه لم يصل معي رجل غيره .
هـجـــرته
أول فدائي في الإسلام نام في فراش النبي (ص) و أمره النبي بأن يؤدي الحقوق إلى أصحابها ففعل و لحق بالنبي إلى المدينة مصطحباً أهله فكان يمشي بالليل و يكمن في النهار حتى قدم المدينة فلما بلغ النبي صلى الله عليه و سلم بقدومه قال : أدعوا لي علياً قيل يا رسول لا يقدر أن يمشي فأتاه النبي (ص) فأعتنقه و بكى رحمةً لما بقدميه من الورم و كانتا تقطران الدم فتفل النبي في يديه و مسح يهما رجليه و دعا له بالعافية فلم يشتكي منهما حتى أســتشــهد رضي الله عنه .
عـلمــــه
أخرج الإمام أحمد في مسنده عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البحتري عن علي قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى اليمن فقلت يا رسول الله تبعثني إلى اليمن و يسألوني عن القضاء و لا علم لي به , قال: أدن فدنوت فضرب بيده على صدري ثم قال
اللهم ثبت لسانه و أهد قلبه ) فلا و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما شككت في قضاء بين أثنين بعد .
و أخرج الترمذي عن مجاهد عن أبن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد العلم فليأت بابه .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كنا نتحدث عن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب . وعن سعيد بن المسيب (ر) قال ما كان أحد من الناس يقول سلوني غير علي بن أبي طالب , وعنه أيضاً قال : كان عمر (ر) يتعوذ من معضلة ليس لها أبو الحسن .
زهــــده و عــــدله
عن عمار بن ياسر رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي بن أبي طالب : يا علي إن الله عز و جل قد زينك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحب إليه منها , الزهد في الدنيا فجعلك لا تنال من الدنيا شيء و لا تنال الدنيا منك شيء . ووهب لك حب المساكين و رضوا بك إماما و رضيت بهم أتباعاً فطوبى لمن أحبك و صدق فيك و ويل لمن أبغضك و كذب عليك ...
و عن محمد بن كعب القرظي قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : لقد رأيتني و إني لأربط الحجر على بطني من الجوع و إن صدقتي لتبلغ اليوم أربعة آلاف دينار و هو الذي كان يبكي و يمسح على لحيته و يقول : أواه على طول السفر و قلة الـــزاد .
فضـــــائله
عندما نام في فراش النبي صلى الله عليه و سلم وقت الهجرة كان يحرسه عند رأسه جبريل و ميكائيل عند رجليه و كان جبريل ينادي بخٍ بخٍ من مثلك يا علي يباهي الله عز و جل به الملائكة , .
أنزل الله تعالى في حقه و هو متوجه إلى المدينة (( و من الناس من يشــتري نفســه ابتغاء مرضــات الله , و يطعمون الطعام على حبه مسكيناً و يتيماً و أســيراً )) .
وعن أبن عباس قال الآية (( و الذين ينفقون أموالهم بالليل و النهار ســراً و علانية )) قال زلت في حق علي , كان عنده أربعة دراهم أنفق بالليل واحداً و بالنهار واحداً و في السر واحداً و في العلانية واحداً .
و عن أبن عباس رضي الله عنه قال : قال علي يا رسول الله تخلفني مع النساء و الصبيان , فقال له رسول الله (ص) (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبوة بعدي) و سمعنه بقول يوم خيبر ( لأعطين الراية رجلاً يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله قال فتطاولنا لها فقال النبي (ص) ادعوا لي علياً فأتوه به و مد فبصق في عينيه و دفع الراية له . و في آية المباهلة نصارى نجران دعا رسول الله (ص) علياً و فاطمة و الحسن و الحسين فقال (( اللهم هــؤلاء أهـــلي )) (( فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم )) .
و أخرج مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب قال عهد إلي النبي صلى الله عليه و سلم النبي الأمي ( أن لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك إلا منافق ) .
أخرج الترمذي في السنن قال جمع من الصحابة منهم أهل بدر نشهد إنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول يوم غدير خم ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم و أزواجي أمهاتهم , قلنا بلى يا رسول الله فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والي من والاه و عادي من عاداه .
و أخرج الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : آخى رسول الله (ص) بين أصحابه فجاء علي فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك و لم تؤاخ بيني و بين أحد فقال رسول الله (ص) أنت أخي في الدنيا و الآخرة . وعن علي (ر) أن رسول الله (ص) أخذ بيد الحسن و الحسين و قال : من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة . قال الأنصار رضي الله عنهم : كنا نعرف المنافقين من هم ببغضهم علي بن أبي طالب .
خـــلافته : أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي إسحاق عن زيد عن علي رضي الله عنهم قال : قيل يا رسول الله من يؤمر بعدك قال :إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا و إن تؤمروا عمر تجدوه قوياً أميناً لا يخاف في الله لومة لائم و إن تؤمروا علياً و لا أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم إلى الصراط المستقيم .
و عن شريك عن سلمه عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنت بمنزلة الكعبة تؤتي و لا تأتي فان أتاك هؤلاء القوم فسلموها إليك يعني الخلافة فأقبل منهم و إن لم يأتوك فلا تأتيهم حتى يأتوك .
و بعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بويع سيدنا علي بن أبي طالب في مسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخلافة .
مقتــــله و اســتشــهاده : عن الدار قطني قال عن علي قال : حدثني الصادق المصدوق رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا تموت حتى تضرب ضربة على هذه فتخضب هذه و أدما إلى لحيته و هامته و يقتلك أشقاها كما عقر ناقة الله أشقى بني فلان من ثمود نسبة إلى جده الأدنى ( قدار بن سالف ) .
وأخرج الطبراني في الكبير عن عثمان بن صهيب عن أبيه قال : قال علي : قال لي رسول الله (ص) من أشقى الأولين قلت عاقر الناقة قال صدقت قال فمن أشقى الآخرين قلت لا أعلم قال الذي يضربك على هذا و أشار بيده إلى فوخه وكان يقول : وددت انه قد أبعث أشقاكم فخضب هذه من هذه يعني لحيته من دم رأسه .
حدثنا عبد الجبار بن العباس عن عثمان بن المغيرة قال : لما دخل شهر رمضان جعل علي يتعشى ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين و ليلة عند عبد الله بن جعفر لا يزيد على ثلاث لقم و يقول يأتي أمر الله و أنا خميص ( جائع ) و إنما هي ليلة أو ليلتان .
حدثنا الحسن بن كثير عن أبيه قال : خرج علي بن أبي طالب لصلاة الفجر فأستقبله الأوز يصحن في وجهه قال فجعلنا نطردهن عنه فقال دعوهن فإنهن نوائح و خرج فأصيب و عن عبد الرحمن السلمي قال : قال لي الحسين بن علي : قال لي علي : سنح لي الليلة رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام فقلت يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود و اللدد ( الود و خصام العدو الحاقد ) ؟ قال : أدع عليهم قلت : اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم و أبدلهم بي من هو شر مني فخرج فضربه الرجل .
أجتمع في مكة ثلاثة و تعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص و يريحوا العباد منهم فقال عبد الرحمن بن ملجم أنا لكم بعلي و قال البرك أنا لكم بمعاوية و قال عمرو بن بكر أنا كافيكم عمرو بن العاص ( عبد الرحمن بن ملجم كان يتيماً فرباه علي وكان يسمى يتيم علي ) .
رجلين ضربا سيدنا علي بن أبي طالب فأما سيف أبن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه و وصل إلى دماغه و أما سيف شبيب فوقع على الطاق فأما شبيب فأفلت من القوم و أما أبن ملجم فأدخل على علي فقال هذا أنت طالما أحسنت إليك فقال لأولاده أطيبوا طعامه و ألينوا فراشه فأن أعش فأنا ولي دمي عفو أو قصاص و إن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين / و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين / .
توفي رضي الله عنه و غسله الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر و كفن في ثلاث أثواب ليس فيها قميص و صلى عليه الحسن أربع تكبيرات , دامت خلافته خمس سنين إلا ثلاث أشهر و قيل أربع سنوات و تسعة أشهر , عاش ثلاث و ستين سنة , بكت أم كلثوم أبنته فقال لها أسكتي فلو ترين ما أرى لما بكيت فقلت ماذا ترى قال : هذه الملائكة وفود و النبيون و هذا سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم يقول يا علي أبشر فما تصير إليه خير مما أنت فيه .
و الحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و ســـلم