يا تائها في ظلمة ظلمه ياموغلا في مفازة تيهه يا باحثا عن مدية حتفه يا حافرا زبية هلاكه يا معمقا مهواة مصرعه بئسما اخترت لأحب الأنفس إليك.
ويحك! تلمح الجادة فأنت في ظلال عين أملك ترى المحبوب وتعمى عن المكاره إذا كان عمرك في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى كيف يبقى على حالته من يعمل الدهر في إحالته كيف تطيب الدنيا لمن لا يأمن الموت ساعة ولا يتمل له سرور يوم كم قرع الزمان بوعظه فما سمعت (لِيُنذِرَ مَن كانَ حَياً) صاح ديك الإيقاظ في سحر ليل العبر فما تيقظت فتنبه إذا نعق غراب البين بين البين.
وَمَشَتِتِ العَزَماتِ يُنِفقُ عُمرَهُ حَيرانَ لا ظَفَرٌ وَلا إِخفاقُ يا مؤثرا ما يفني على ما يبقى هذا رأي طبعك هلا استشرت عقلك لتسمع أنصح النصائح من كان دليله البوم كان مأواه الخراب.
ويحك! شهوات الدنيا أحلام يزخر منها نوم الغفلة ونظر الجاهل لا يتعدى سور الهوى ولا يخرق حجاب الغفلة فأما ذو الفهم فيرى ما وراء الستر لاحت الشهوات لأعين الطباع فغمض عنها (الَّذَينَ يُؤمِنونَ بالغَيب) فوقع أكثر الخلق في التيه والقوم (عَلى هُدى مِن رَبِهِم).
رحل الصالحون وفي القوم تثبط تالله لقد علموا شرف المقصد ولكن بعدت عليهم الشقة واأسفا! لو عرفوا عمن انقطعوا لتقطعوا يصبحون في جمع الحكام ويبيتون على فراش الآثام وينفقون في الهوى بضائع الأيام (أَُولَئِكَ الَّذَينَ اِشتَروا الضَلالَةَ بِالهُدى) سلمت إليهم أموال الأعمار فأنفقوها في ديار البطالة (فَما رَبِحَت تِجارَتُهُم) هذا والعبر تصيح (فَهَل يَنتَظِرونَ إِلا مِثلُ أَيامِ الَّذَينَ خَلَوا مِن قَبلِهِم) غير أن المسامع قد تملكها الصمم ويحهم!! هلا تدبروا فساد رأي أمل (وَأَن عَسى أَن يكونَ قَد اِقترَبَ أَجَلُهُم) إن في الماضي للمقيم عبرة وليس المرء من غده على ثقة ولا العمر إذا مر يعود وغواري الليالي في ضمان الإرتجاع والدهر يسير بالمقيم فاشتر نفسك والسوق قائمة والثمن موجود ولا تسمعن حديث التسويف.
فَما لِغَدٍ مِ حادِثٍ بِكَفيلِ