خلقت الملائكة من نور لا ظلمة فيه وخلقت الشياطين من ظلمة لا نور فيها وركب البشر من الضدين فظلام نفسه مقترن بنور عقله بينهما حاجز لطيف لا تعلمه إلا بالمجاهدة كما أن بين الشمس والظل خط لا يراه إلا المهندس فالملل يسبح لأنه صاف والشيطان يعصي لأنه كدر وإنما العجب تقوى من تقوى في حقه الأضداد.
الآدمي عقل وهوى غير أن بين الهوى والهدى برزخ من التوفيق لولا لطائف الإعانة قلع سكر التماسك ولم تطق البشرية المدافعة لولا لاحقة (لَنَهدِيَنّهُم) لسابقة (سَبَقَت لَهُم).
فالصبر الصبر أيها المحارب ولا تخف من كمين (وَاستَفزِز) ما دام لك مدد (يُثَبِتُ اللَهُ الَّذَينَ آَمَنوا) هبت عواصف التكليف البشري فلم يتماسك " هاروت " و " ماروت " فرمى بهما رمي " عاد " وقال موافق (أَتَجعَلُ فيها) إن للحرب رجالا خلقوا كانت الملائكة تدعو على العصاة قبل " هاروت " و " ماروت " فلما جرت قصتهم صاروا يسبحون لمن في الأرض كما كان " داود " يقول: لا تغفر للخطائين فلما زل عرف.
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتى ذُقتُهُ فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مِن لا يَعشَقُ وَعَرَفتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبي أَنَني عَيَّرتُهُم فَلَقَيتُ فيهِم ما لَقوا خب بحر الأمانة فوقفت الملائكة على الساحل ونهضت عزيمة الآدمي لسلوك سبيل الخطر يَغلِبُني شَوقي فَأَطوين السُّرى وَلَم يَزَل ذو الشَوقِ مَغلوباً أين مجاهدة الآدمي من تعبد الملائكة حال الآدمي أعجب تسبيح الملائكة يدور على ألسنتهم بالطبع تعبدهم لا عن تعب ورد شجرهم خال من شوك الحب الأغلب على أوصافهم أنوثية السلامة لا ذكورية الجهاد سبح تسبيحهم عقود ما نظمها التكليف ثمرات زرعهم نشأت لا عن كلف ساقها سيح العصمة فكثر في زكوات تبعدهم قدر الواجب (وَيَستَغفِرونَ لِمَن في الأرض) ظنت الملائكة أن أيدي العصمة أصنع من نظم التسبيح ونسوا أن يبس الأشجار أيام الشتاء سبب لزهر النور في الربيع.