الإيمان بعذاب القبر و فتنته : واجب . و التصديق به : لازم . حسب ما أخبر به الصادق . و أن الله تعالى يحيي العبد المكلف في قبره برد الحياة إليه و يجعله من العقل في مثل الوصف الذي عاش عليه ليعقل ما يسأل عنه و ما يجيب به و يفهم ما أتاه من ربه و ما أعد له في قبره من كرامة أو هوان . و بهذا نطقت الأخبار عن النبي المختار صلى الله عليه و سلم و على آله آناء الليل و أطراف النهار ، و هذا مذهب أهل السنة و الذي عليه الجماعة من أهل الملة . و لم تفهم الصحابة الذين نزل القرآن بلسانهم و لغتهم من نبيهم عليه السلام غير ما ذكرنا . و كذلك التابعون بعدهم إلى هلم جراً ، و لقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ـ لما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بفتنة الميت في قبره و سؤال منكر و نكير و هما الملكان له : يا رسول الله أيرجع إلى عقلي ؟ قال : نعم . قال : إذا أكفيكهما . و الله لئن سألاني سألتهما . فأقول لهما : أنا ربي الله فمن ربكما أنتما ؟ .
و خرج الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر يوماً فتاني القبر . فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أترد علينا عقولنا يا رسول الله ؟ فقال : نعم كهيئاتكم اليوم ، فقال عمر : في فيه الحجر . و قال سهل بن عمار : رأيت يزيد بن هارون في المنام بعد موته . فقلت له مافعل الله بك ؟ فقال إنه أتاني في قبري ملكان فظان غليظان ، فقالا : ما دينك ؟ و من ربك ؟ و من نبيك ؟ فأخذت بلحيتي البيضاء . و قلت : ألمثلي يقال هذا ؟ و قد عملت الناس جوابكما ثمانين سنة . فذهبا . و قالا : أكتبت عن حريز بن عثمان ؟ قلت نعم . فقالا : إنه كان يبغض علياً فأبغضه الله .
و في حديث البراء : [ فتعاد روحه في جسده ] و حسبك . و قد قيل : إن السؤال و العذاب إنما يكون على الروح دون الجسد . و ما ذكرناه لك أو لا أصح و الله أعلم .