في الصحبة وهي الطريق الأسوى والسبب الأقوى في حصول ثمرة السلوك وبها يصل المملوك إلى درجات الملوك قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه المبين . يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين . وقال تعالى وتعاونوا على البر والتقوى . وقال تعالى واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وقال عليه الصلاة والسلام المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل . رواه أبو داود والترمذي والحاكم وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وورد أيضاً الصحبة مع العاقل زيادة في الدين والدنيا والآخرة والصحبة مع الأحمق نقصان في الدين والدنيا وحسرة وندامة عند الموت وخسارة في الآخرة وورد أيضاً ما أحدث عبد أخاً في الله عز وجل إلا أحدث الله له درجة في الجنة رواه ابن أبى الدنيا . قال قدوتنا السيد احمد الرفاعي قدس سره ذكر الله يثبت في القلب ببركة الصحبة ( المرء على دين خليله ) عليكم بنا صحبتنا ترياق مجرب والبعد عنا سم قاتل . أي محجوب تزعم انك اكتفيت عنا بعلمك . مالفائدة من علم بلا عمل . ما الفائدة من عمل بلا اخلاص .الإخلاص على حافة طريق الخطر . من ينهض بك إلى العمل . من يداويك من سم الرياء من يدلك على الطريق الأمين . بعد الإخلاص فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون . هكذا أنبأنا العليم الخبير . وقال أيضا لازم أبوابنا . أي محجوب فان كل درجة وآونة تمضي لك في أبوابنا درجة وأنابه إلى الله تعالى صحت أنابتنا إلى الله . قال تعالى واتبع سبيل من أناب . انتهى ثم أن كلا من الصاحب والمصحوب . أما أن يكون شيخا . وأما أن يكون أخا . وأما أن يكون مريدا فان كان شيخا فينبغي أن يكون مرشدا كاملا متشرعاً متدينا عارفا في أصول الطريقة وأركانها وآدابها وخلواتها وجلوتها وأذكارها وأسرارها وسلوكها مطابقا للشرع الشريف في أقواله وأفعاله وأحواله . عاريا من الكبر والعجب والحقد والحسد والكذب خالياً من دسائس النفس متواضعا ذا حرمة للفقراء والمشايخ والغرباء . طلق اللسان في تعريف السلوك . غير عي في الجواب . مهذب الأخلاق صاحب قلب ولسان ثابت قدم متسلسلاً بإجازة مربوط واصلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيدي احمد عز الدين الصياد . قدس سره اعلم أن من تصدر للمشيخة في هذه الطريقة العليه الرفاعية فقد جلس على بساط النيابة عن شيخ الأمة سيدنا السيد احمد الرفاعي رضي الله عنه . فيجب عليه أن يكون عالما بما أمره الله ونهاه عنه فقيها في الأمور التعبدية حسن الأخلاق طاهر العقيدة عارفا بأحكام الطريقة سالكا مسلكا كاملا شيخا زاهد متواضعا حمولا للأثقال صاحب وجد وحال وصدق مقال ذا فراسة وطلاقة لسان في تعرف أحكام الطريقة متبرئاً عن عوائق الشطح طارحا ربقة الدعوى والعلو محبا لشيخه حافظا شأن حرمته في حياته وبعد مماته يدور مع الحق أين ما دار منصفا في أقواله وأفعاله متكلا على الله في جميع أحواله وذكر شيخنا السيد محمد أبو الهدى حفظه الله في كتابه العقد النضيد في آداب الشيخ والمريد . فقال وينبغي أن يتصف الشيخ المسلك باثنتي عشرة صفة صفتان من حضرة الله تعالى وهما الحلم . والستر وصفتان من حضرة الصديق الأكبر رضي الله تعالى عنه . وهما الصدق والتصديق . وصفتان من حضرة الفاروق الأعظم رضي الله تعالى عنه . هما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وصفتان من حضرة عثمان ذي النورين . رضي الله عنه . وهما الحياء والتسليم . وصفتان من حضرة علي الكرار رضي الله عنه وهما الزهد الأتم والشجاعة . ومتى اتصف الشيخ بهذه الأوصاف وتمكن قدمه وذكت شيمه صلح أن يكون قدوة في الطريق وقد نقل نحو ذلك أيضا عن حضرة السيد الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره ومن كلامه رضي الله عنه وارضاه في وصف الشيخ المرشد . هذه الأبيات الشريفات .
إذا لم يكن للشيخ خمس فوائد * وإلا فدجال يقود إلى الجهــل
عليم بأحكام الشريعة ظاهرا * ويبحث عن علم الحقيقة عن اصل
ويظهر للوراد بالبشر والقرى * ويخضع للمسكين بالقول والفعـل
فهذا هو الشيخ المعظم قـدره * عليم بأحكام الحرام من الحـل
يهذب طلاب الطريقة ونفسـه * مهذبة من قــبل ذو كرم كـلي
انتهى . وان كان الصاحب أو المصحوب أخا فينبغي أن يكون خادما لإخوانه . واقفا على رؤسهم بانشراح صدر وفرح وسرور متلذذا بخدمتهم . باذلا جهده في رضاهم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخادم في أمان الله ما دام في خدمة أخيه المؤمن قال سيدنا الخاشع الخاضع الداعي . السيد احمد الكبير الرفاعي . رضي الله عنه
أصحب من الأخوان من قبله * أصفى من الياقوت والجوهر
ومن إذا سرك أودعتــه * لــم يظـهر السر إلى المحشر
ومن إذا أذنبت ذنبا أتى * معتـذرا عنـك كمستـغفر
ومن إذا غيبت عـن عينه * أقلقه الشـوق ولـم يصبر