من كرامات السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه الكرامة هي أمر خارق للعادة تظهر على يد المؤمن المستقيم بطاعة الله وبذلك تفترق الكرامة عن السحر والشعوذة ، وتفترق الكرامة عن المعجزة بأن المعجزة تكون لإثبات النبوة ، وأما الكرامة فتكون للدلالة على صدق اتباع صاحبها لنبيه .
وكل ما يصح أن يكون معجزة لنبي صح أن يكون كرامة لولي الا ما كان من خصائص النبوة، ويجب الإيمان بوجود الأولياء وكراماتهم ، والولي هو المؤمن المستقيم بطاعة الله بأداء الواجبات واجتناب المحرمات والإكثار من نوافل العبادات ، لذلك لا ينكر الكرامات التي حصلت وتحصل مع أولياء الله الصالحين إلا الجاهل بأمور الدين ، لأن الله سبحانه نص في كتابه الكريم على كرامات أوليائه المتقين .
والشيخ أحمد الرفاعي الكبير المشهور بعلمه الغزير وزهده وورعه وعبادته وتقواه هو أحد أولياء الله العارفين الذين أنعم الله عليهم بكثير من الكرامات المشهورة والمدون كثير منها في الكتب ، ومن أشهر هذه الكرامات التي تكرم الله بها عليه وأعلاها شأنا تقبيله يد جده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد تلقاها الناس خلفا عن سلف حتى بلغت مبلغ التواتر ، ولا عبرة بعد ذلك بمن أنكرها وردها ، هذا وقد ذكرها وأثبتها كثير من العلماء في كتبهم منهم " الحافظ السيوطي ، والمحدث المناوي ، والإمام الشعراني وغيرهم من العلماء ، يقول الإمام عز الدين الفاروقي في كتابه " إرشاد المسلمين " : " أخبرني أبي الحافظ محي الدين أبو إسحق عن أبيه الشيخ عمر الفاروقي أنه قال : كنت مع سيدنا وشيخنا السيد أحمد الكبير الرفاعي الحسيني رضي الله عنه عام حجه الأول وذلك سنة خمس وخمسين وخمسمائة ، وقد دخل المدينة يوم دخوله القوافل إليها قوافل الزوار من الشام والعراق واليمن والمغرب والحجاز وبلاد العجم وقد زادوا على تسعين ألفا ، فلما أشرف على المدينة المنورة ترجل عن مطيته ومشى حافيا إلى أن وصل الحرم الشريف المحمدي ولازال حتى وقف تجاه الحجرة العطرة النبوية فقال : السلام عليك يا جدي ، فقال رسول الله له : " وعليك السلام يا ولدي " ، سمع كلامه الشريف كل من في الحرم النبوي ، فتواجد لهذه المنحة العظيمة والنعمة الكبرى وحنَّ وأنَّ وبكى وجثا على ركبتيه مرتعدا ثم قام وقال :
تقبل الأرض عني وهي نائبتي
في حالة البعد روحي كنت أرسلها
فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
وهذه دولة الأشباح قد حضرت
فمدَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة النورانية من قبره الأزهر الكريم فقبلها والناس ينظرون ، وقد كان في الحرم الشريف الألوف حين خروج اليد الطاهرة المحمدية ، وكان من أكابر العصر فيمن حضر الشيخ حياة بن قيس الحراني ، والشيخ عدي بن مسافر ، والشيخ عقيل المنبجي ، وهؤلاء لبسوا خرقة السيد أحمد رضي الله عنه وعنهم في ذلك اليوم واندرجوا بسلك أتباعه ، وكان فيمن حضر الشيخ أحمد الزاهر الأنصاري ، والشيخ شرف الدين بن عبد السميع الهاشمي العباسي ، وخلائق كلهم تبركوا وتشرفوا برؤيا اليد المحمدية ببركته رضي الله عنه ، وبايعوه هم ومن حضر على المشيخة عليهم وعلى أتباعهم رحمهم الله " .
*** وفاته رضي الله عنه :
عندما بلغ الإمام أحمد السادسة والستين من عمره مرض بداء البطن ( الإسهال الشديد ) وبقي رضي الله عنه مريضا أكثر من شهر ، وكان مع خطورة مرضه يتحمل الآلام الشديدة بدون تأوه أو شكوى ، مستمرا وثابتا على تأدية الطاعات والعبادات التي اعتاد عليها بقدر استطاعته إلى أن وافته المنية يوم الخميس الثاني عشر من شهر جمادى الأولى عام 578 هجرية ، ودفن في قبة جده لأمه الشيخ يحيى البخاري في بلدته أم عبيده ، وكان يوما مهيبا ، رحم الله الإمام أحمد الرفاعي وأعلى مقامه في الجنة .